ensjsi

ensjsi

 مساهمات فكرية 

التعليم عن بعد في ظل جائحة كورونا


يقوم التعليم في أغلب دول العالم على اعتبارات المواظبة والجدية قصد الحصول على أعلى نسب التحصيل العلمي، لأجل تقر تشريعات بيداغوجية كثيرة عقوبات صارمة في مواجهة الطلاب المقصرين تصل حد الإقصاء من متابعة الدراسة، في توجه يحمل الطلاب على الجدية ضرورة الالتحاق بمدرجات الجامعة وقاعاتها طلبا لأهداف العملية البيداغوجية.

غير أن الملاحظ في السنتين الأخيرتين أن الإجراءات الاستثنائية المترتبة عن جائحة كورونا قد فرضت على كثير من المؤسسات الجامعية تفعيل منصات رقمية تضمن استمرار التعليم عن بعد وإجراءات الامتحانات في ظل الغلق العام والحجز المنزلي الذي فرض على كثير من الناس ومن بينهم فئة الطلاب والأساتذة

وإذا كانت دول العالم المتقدم قد حضرت مؤسساتها أليات التعليم عن بعد بسبب التحكم الكبير في التكنولوجيا وأدواتها، فإن الدول المتخلفة أو تلك السائرة في طريق النمو، واجه طلابها وطاقمها التعليمي صعوبات جمة بسبب ضعف تدفق الأنترنت وقلة التحكم في التكنولوجيا وعدم تهيئة الإقامات الجامعية بتجهيزات الرقمة وروابط التدفق العالي بالأنترنت، حقيقة جعلت ضمان التعليم عن بعد في الجزائر يميل إلى الشكلية منه إلى الموضوعية.

إن اللجوء إلى التعليم عن بعد، حتى وإن كان ضرورة تقتضيها ضرورة سير مرفق التعليم في مستوياته المختلفة، فإن ضمان استمراره في الطور الجامعي مرهون بتوفير مجموعة من الشروط لا يمكن الاستغناء عنها.

أولا: تحسين تدفق الأنترنت

إن التعليم عن بعد يقتضي بداية ضمان تدفق عال من الأنترنت يكفي لتواصل غير منقطع بالصوت والصورة يسمح للطلاب والأساتذة بفتح مجال النقاش والحوار طلبا لشرح النقاط المستعصية وفهم الإشكالات الصعبة، لأن القول بخلاف ذلك سيجعل بالضرورة التواصل عقيما لا يحقق النتائج المرجوة من فتح حساب على المنصة التعليمية، لا يمكن الدخول إليها.

ثانيا: برمجة دورات تكوينية لفائدة الأساتذة والطلاب

لا يمكن الاستفادة من مزايا التعليم عن بعد في ظل عدم التحكم في أدوات التواصل الرقمي، إذ يتطلب التعليم الرقمي التحكم في أبجديات الإعلام الآلي والولوج إلى الأنترنت واستعمال مختلف الأيقونات والبرامج الإلكترونية التي تمكن المستخدمين من التواصل رقميا دون الحاجة إلى مساعدة الآخرين، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا ببرمجة دورات تكوينية خصوصا للمستخدمين الذين لم يسبق لهم التدرب على برامج الكمبيوتر حتى تضمن الإدارة الوصية الاستفادة الحقيقية من برامج التعليم الإلكتروني.

ثالثا: تعميم المكتبات العمومية وورشات العمل الجوارية التي تسمح للطلاب من استخدام الحواسيب والانترنت بصورة مجانية حتى يتكمن المحرومون وأصحاب الدخل الضعيف من ممارسة حقهم في التعليم في ظل عدم قدرتهم على شراء الأجهزة الإلكترونية باهظة الثمن وسداد مستحقات الاشتراك في الأنترنت، وهي المراكز التي تخلق بالضرورة فضاء للعمل الجماعي والمشترك الذي يجمع مئات الطلاب من تخصصات مختلفة.

رابعا: ضرورة الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في التعليم عن بعد

إن التعليم عن بعد لا يعد بديلا بالمرة عن التعليم الحضوري، بل هو عامل مساعد لفاعلية العملية البيداغوجية لضمان استفادة أكبر، لأجل ذلك يتعين على الوزارة الوصية ألا يقتصر اهتمامها في مجال التعليم عن بعد فقط على الإحصاءات الكمية، وعدد الذين تمكنوا من الولوج إلى المنصات الرقمية المختلفة للمؤسسات الجامعية، بل يجب التفكير جديا في الاهتمام بالجانب النوعي في هذا المجال عن طريق الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة على غرار الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، على اعتبار أن لها باع وخبرة مشهود لها في مجال التعليم عن بعد.

نثمن قولا وفعلا تجربة عن التعليم عن بعد في الجزائر، كتجربة فتية تحتاج آليات ضمان نجاحها، والتحول نحو التعليم الإلكتروني الفعال، ونعتقد أن ذلك لا يتأتى إلا إذا حرصت الوزارة الوصية على وضع خطة استشرافية مستقبلية تستهدف تحديث البنى التحتية وتشجيع المنافسة في مجال التعليم عن بعد بالشراكة مع القطاع الخاص طلبا لنوعية التعليم الجامعي عبر المنصات الرقمية. 


بقلم : عثمان ب : طالب سنة ثانية بالقسم التحضيري بالمدرسة العليا للصحافة

1 comment: